اللامبالاة حالة ذهنية وحسّية، يكون فيها الفرد غير مهتم بحياته الخاصة أو الأحداث العامة فى مجتمعه مع غياب الإرادة والحماس للعمل وكبت المشاعر وقلة الاهتمام حتى لو تسبب ذلك فى وقوع الضرر على الفرد والمجتمع . يمكن تصنيف اللامبالاة كحيلة من حيل الدفاع النفسى التى يلجأ لها الشخص والمجتمع نتيجة عدم القدرة على حل المُشكلات التى تواجهه وفقد الأمل وعدم القدرة على تحقيق الأهداف . هناك أسباب عضوية واضطرابات نفسية تُسبب حالة اللامبالاة مثل الخلل فى الغدّة الدرقية أو الإصابة بالفُصام ومرض الزهايمر ، وكذلك الاكتئاب والاضطراب ثُنائى القطب.
أول من صاغ مصطلح اللامبالاة أو السلبية هم الفلاسفة الرواقيون وعرفوها بأنها (انطفاء المشاعر وسيادة العقل) ، تسربت الفكرة بعد ذلك وظهرت فى الفكر الدينى على يد (كلمنس ألكسندر) الذى استعمل الكلمة للتعبير عن (الازدراء من جميع المشاغل الدنيوية) ، كذلك تم وصفها فى الكتاب المقدس بأنها (حالة من إماتة الجسد) . ذاع صيت مصطلح اللامبالاة بعد الحرب العالمية الأولى وتم تصنيفها كرد فعل وشكل من أشكال (صدمة القذيفة) التى ظهرت فى مشاعر وسلوكيات الجنود أثناء المعارك وبعدها.
اللامبالاة والأمل
تَنتج اللامبالاة غالباً من قسوة الحياة والمُعاناة والإحساس بالظلم والشعور بالعَجز وقلة الحيلة تجاه ما يحدث ، لكن من زاوية مختلفة تُقدم (الفلسفة الرواقية) اللامبالاة كحل سحرى لجميع المشاكل والهموم فى الحياة كما يقول (ماركوس أوريليوس) : ” أن نحيا حياة طيبة أمر ممكن ، فيما لو تعلمنا كيف نكون لا مُبالين تجاه الأشياء التى تصنع فرقاً ” ، ويُشير بعض الرواقيين إلى أن اللامبالاة تكون فى أشياء مثل الثروة والفقر والشهرة والألم والحزن والفرح ، مع محاولة الوصول لنوع من التوازن فلا يجب أن ينفعل الإنسان بعنف وفقاً لسير الحياة وتقلباتها السريعة ،بل يجب أن يعيش وفقاً للطبيعة والظروف الحالية كما هى ، وأنه لا جدوى من التفكير والتأمل فى أفكار مُجردة تتجاوز الوقت الحاضر لأن ذلك يسلب من الإنسان يقين ما يملكه فى يديه مُقابل بعض الأفكار والأوهام المشكوك فيها . حتى الألم والحزن يُمكن أن نواجهه من خلال اللامبالاة وقلة التركيز معه كما يقول الشاعر الهندى (طاغور) : ” إن أبلغ درس يتعلمه الإنسان من الحياة أنه ليس هناك ألم لا يستطيع المرء أن يتخلص منه بعد فترة معقولة من الزمن ، وأن يُصادقه ويتعايش معه أو يُحيله إلى أُنس وسعادة بشىء من سعة الأفق وعمق البصيرة ” . اللامبالاة تصلح كحيلة تُساعد الإنسان على تحمل الألم فى الحياة ، فعندما تزداد الأحزان الشخصية وتُهيمن على العقل يمكن أن نفكر فى ما يحدث فى العالم من ألم وحزن وسعادة وأفراح وأن لا شىء يدوم من الأحوال فنجد بذلك العزاء ، وعندما تزيد المشاكل والصراعات العالمية يمكن أن نوقف التفكير بها وأن نُبالى فقط بأحداث حياتنا والأحوال الشخصية التى يمكن أن تجلب لنا بعض الراحة والسكون . ويتحقق بذلك أن تكون اللامبالاة فلسفة أو استراتيجية نافعة فى الحياة تجلب السعادة والأمل مصداقاً لقول (محمود درويش) : ” فى اللامبالاة فلسفة إنها من صفات الأمل ” .

فن اللامبالاة
كتاب (فن اللامبالاة) للكاتب الأمريكى (مارك مانسون) من أشهر الكتب فى السنوات الأخيرة التى تحدثت عن اللامبالاة كشىء إيجابى على عكس الكثير من كتب (التنمية البشرية) التى تتحدث عن التفكير الإيجابى كمفتاح وطريق للحياة السعيدة ، وأن الإنسان لا يجب أن يكون إيجابى فى كل الأوقات لأن مفتاح السعادة فى التعامل مع المشاكل بشكل أفضل وليس عدم وجود المشاكل والعَقبات فى الحياة ، وأن الحصول على المال شىء جيد لكن الاهتمام بما تفعله فى الحياة أفضل بكثير لأن التجارب هى الثروة الحقيقية وتجعلك فى حوار حقيقى صادق مع نفسك فى أغلب الأوقات ، نحاول إلقاء ضوء أكبر على مُحتوى فصول الكتاب فيما يلى :
لاتحاول ، العبقرية ليست كامنة فى التغلب على عقبات مستحيلة ولا فى تطوير النفس ، إنما فى أن تكون صادقاً مع نفسك كل الصدق .
2/السعادة مشكلة : يحكى قصة أمير نشأ فى قصر الأب الملك وشبع من ملذات الدنيا ولم يعرف المُعاناة ، بعد أن يكبر ويشاهد العالم الخارجى ويكتشف مُعاناة الشعب فى المرض والفقر يُصاب بالصدمة ويلوم الأب ويُقرر الهرب ليعيش حياة الشعب ويفهم معناها ، لكنه يصبح فى النهاية شخص ضائع مُشرّد ولم يصل إلى شىء مما يريده بعد اختبار الألم والجوع .
أن الحياة نفسها نوع من أنواع المُعاناة ، يُعانى منها الأثرياء بسبب ثرائهم ويعانى منها الفُقراء بسبب فقرهم ، ليس معنى هذا أن أنواع المُعاناة جميعها مُتساوية كلها بالتأكيد هناك مُعاناة أشد ألماً من مُعاناة أخرى ، ولكن بالرغم من ذلك لنا جميعاً من المُعاناة .
3/لست مميزاً : قصة شخص إيجابى ونشيط ، يقدر نفسه بشدة ويتكلم عن نفسه كثيراً ، لكن حقيقته على العكس فهو يُمثل عبء على والديه وأسرته ويُركز على الظهور أمام الجماهير دون الاهتمام بما يقول ويصف من ينتقده بالجهل والغباء ، لذلك فأن التقدير المُبالغ فيه للذات يُمكن أن يضر أكثر من أن ينفع .
لا يوجد شخص استثنائى ، لا أنا ولا أنت ، لا يوجد شخص مُتميز فالإحساس الزائد بالتميز يجعلك تنسى شعور الآخرين من حولك ، لا تخدع نفسك بذلك .
4/قيمة المُعاناة : قصة الملازم اليابانى أثناء حرب أمريكا على اليابان ، والذى طلب منه الأمبراطور القتال للنهاية وعدم الاستسلام فلم يُصدق بعدها أن الحرب انتهت وظل مختبئاً فى الأدغال ثلاثين عاماً وتسبب فى نشر الخوف والفزع فى المكان ومقتل أصدقائه بلا غاية , وبعدها انقسم رأى الشعب عنه فالبعض يراه مثال للوفاء وآخرين يصفوه بأنه نموذج للغباء .
أن المُعاناة أمر مفيد من الناحية البيولوجية ، أنها الواسطة لدى الطبيعة من أجل الحث على التغيير .
5/أنت فى اختيار دائم : قصص لثلاثة أشخاص تعرضوا لظروف خارجة عن الإرادة وكيف تحكمت اختياراتهم فى ما وصلو إليه فى النهاية .
أنا لم أختر هذه الحياة ولم أختر هذه الحالة المُخيفة حقاً، لكن على أن أختار كيف أتعايش معها .
6/أنت مُخطىء بكل شىء : شخص يعيش حياته وهو يعتقد أن أفكاره على صواب وصحيحة دائماً وعندما تتبدل الأفكار وتتغير فى كل فترة يُصاب بالحيرة والاضطراب .
لقد كنت مخطئاً فى كل خطوة من خطوات طريقى ، كنت مخطئاً فى كل شىء طيلة حياتى، كنت مخطئاً فى ما يتعلق بنفسى وبالآخرين وبالمجتمع وبالثقافة وبالكون وكل شىء .
7/الفشل طريق التقدم : إذا كان شخص أفضل منك فى فعل شىء ما ذلك لأنه قد يكون فشل فيه أكثر منك ، وإذا كان شخص أسوأ منك فى صُنع شىء ما فذلك نتيجة للألم الكبير الذى مررت به فى عملية التعلم الطويلة والمُستمرة .
الفشل طريق التقدم ، فكلما فشلت وحاولت كلما زادت قابليتك لخوض التجارب والمشروعات ، فالخطأ هو جزء من عملية تطوير الذات .

8/أهمية قول لا : يحكى قصة شخص قرر أن يُجرب معنى مختلف للحياة فقرر السفر حول العالم ليجد المُتعة والحرية على عكس أصدقائه الذين قرروا الزواج وأصبح لهم عائلات وأعمال خاصة ويتوصل بعد ذلك إلى أن الحرية جميلة لكنها تكون بلا معنى لو أنها لم تجلب الفائدة ، وتعلم قيمة الصراحة والصدق بعد زيارة روسيا ، وأنه يجب أن ترفض بعض الأشياء لكى يُصبح لك معنى فإذا لم تجد شىء أفضل من شىء آخر أو يجعلك أكثر رغبة فيه من الآخر فأنت شخص فارغ وتعيش حياة بلا هدف أو معنى .
قل لا، ارفض ما تراه يُبعدك عما تريده ، لا أحد يريد أن يبقى فى علاقة لا تجعله سعيداً ، وما من أحد يرغب فى البقاء فى عمل يكرهه ولا يؤمن به.
9/وبعد ذلك تموت : عن قصة شاب فقد صديقه المُفضل ولم يتعافى من الذكرى مما يُسبب له الاكتئاب طوال الوقت ، الموت شىء مُخيف لكن بدون الموت لا توجد للحياة أهمية ، وأننا لم نوجد فى الحياة عن طريق الصدفة بل هناك هدف وغاية يجب أن نحاول معرفتها فى طريق الحياة أو بعد نهايته وقد نغفل عنها لكنها موجودة ويُمكن أن نفعل بعض الأشياء لتكريس هذه الغاية وجعل الآخرين يتذكروك ، وأن تصنع التأثير حتى بعد موتك .
السبيل الوحيد لأن تحس راحة تجاه الموت هو أن تفهم نفسك وأن ترى نفسك كما لو أنك شيئاً أكبر من نفسك ، وأن تختار القيم التى تمتد إلى ما بعد زمنك أنت نفسك ، قيم بسيطة مباشرة يمكنك التحكم فيها ويمكنها التسامح مع فوضى العالم من حولك .
وتأكد أنه فى مرحلة من حياتك ستلاحظ أن دائرة اللامبالاة لديك قد اتسعت وأن أغلب الأشياء لم تكن جديرة بذلك الاهتمام .
أحسنت النشر عمر
هذا الكتاب عندي
لم اتممه بعد
مهم جدا
طاب يومك
إعجابLiked by 2 people
شكراً على الاهتمام الدائم والتعليقات الجميلة
أتمنى لكِ قراءة ممتعة
طابت كل أوقاتك ومتعك الله بالسعادة دائماً آمين
إعجابLiked by 1 person
اللهم امين واياكم يارب
إعجابLiked by 2 people
قام بإعادة تدوين هذه على Learn Love.
إعجابLiked by 2 people
تصفحت الكتاب سريعا قبل مدة، نصائح الكتاب مفيدة ونافعة فعلاً ستتغير حياتك عندما “تكبر دماغك”
إعجابLiked by 2 people
أرجو أن تكون قد استمتعت بقراءة نصائح الكتاب
أشاركك الرأى فعلا أشياء كثيرة تتغير فى الحياة عندما تتعلم فن اللامبالاة وتكبير الدماغ
إعجابإعجاب
بالنسبة لي ولأنني قرأت الكثير من كتب التنمية الذاتية، لم يضف لي الكتاب كثيرا، لكنني احببت تقيمك، احسنت النشر
إعجابLiked by 2 people
الكتاب يقدم بعض الأفكار المختلفة عن أغلب كتب التنمية البشرية وأفكار أخرى قديمة ومشهورة فى التنمية الذاتية
شكراً على الاهتمام وكلماتك الرقيقة
إعجابLiked by 1 person
قام بإعادة تدوين هذه على Ned Hamson's Second Line View of the News وأضاف التعليق:
Indifference is a mental and sensory state in which the individual is not interested in his private life or public events in his society with the absence of will and enthusiasm for action, suppression of feelings and lack of interest even if this causes harm to the individual and society. Indifference can be classified as a psychological defense trick that a person and society resort to as a result of the inability to solve the problems they face, loss of hope and the inability to achieve goals. There are organic causes and psychological disorders that cause apathy, such as thyroid dysfunction or schizophrenia and Alzheimer’s disease, as well as depression and bipolar disorder.
إعجابإعجاب
قام بإعادة تدوين هذه على The sense.
إعجابLiked by 1 person