والحياة كنهر مُتدفق لا ينظر للخلف ولا يتوقف ، وليس أمامك سوى أن تتعلم السباحة فى النهر قبل أن تُلقى بنفسك فيه وإلا فأن مصيرك المحتوم هو الغرق والفناء ، وسيستمر النهر فى طريقه ولن يُبالى بك أو بغيرك من الغرقى ، هو يمضى فى طريقه المرسوم وأنت يجب أن تسير فى طريقك المَأمُول . العزيمة والإصرار والصبر والعمل ، أشياء ومُحفزات تساعدك فى رحلتك نحو الأهداف فتحلى بها ولا تُهملها أبداً ، وكذلك الشغف والعلم كلاهما يلعب دور الزاد والوقود المُحرك للفرد والمجتمع نحو التطور والاِرتقاء لما هو أفضل . الثقة فى النفس ومُداومة التجريب والتَعلُم تصنع التقدم والإتقان فى ما تفعله ، مع ضرورة التَقبُل والتسليم بأن التطور سيأتى بشكل تدريجى ويحتاج لبعض الوقت والمجهود والتركيز .

الدراجة والتوازن
نتعلم من قيادة الدراجات أن التوازن والتبديل المُستمر هو أساس الحركة الميكانيكية للدراجة ، وكذلك فى حركة سير الحياة يجب أن تحظى بالتوازن بين أشياء كثيرة لتسير للأمام وبدون التوازن يكون التعثر والسقوط . أن تنجح فى التوازن بين العمل والراحة والترفيه فتُعطى كل منهم وقته ، التوازن بين الجسد والروح فى ما يطلبه كل عنصر من أشياء مادية ومعنوية ، التوازن فى ربح الأموال وإنفاقها بما لا يُسبب الضرر ، التوازن فى علاقاتك بالآخرين للوصول لمنافع مُشتركة وعدم جلب المشاكل لأحد الأطراف ، التوازن فى حالة الفرح والحزن لكى يتمكن العقل دائماً من تقدير الظروف فى حجمها الطبيعى بدون تهويل أو تهوين ، التوازن فى تربية الأبناء بين الشَّدَّة واللين لإنشاء أطفال أسوياء قادرين على تخطى صعاب الحياة والاستمتاع بمَسراتها ، التوازن بين العمل والعبادات فتتمكن من الإنجاز والتقدُم وتصل الروح للصفاء والطمأنينة .
الضغط المتواصل على البدال فى الدراجة يُقابله العمل فى الحياة ، وكما يجب أن تواصل الضغط على البدال لكى تتقدم الدراجة وتسير فإنك يجب أن تواصل العمل فى الحياة لتتقدم نحو الأمام مهما كانت الظروف المُحيطة . عندما تبدأ فى التبديل تمتلك همة عالية وإرادة قوية فتسير الدراجة بسرعة عالية ، وبعد فترة يُمكن أن تُصاب بالتعب والفُتور فتقف لتستريح قليلاً وتلتقط الأنفاس بعد مجهود طويل ، بعدها يجب أن تعود للتبديل ثانية لو أنك تريد الوصول لهدفك حقاً لأنك لو توقفت لفترة طويلة أو تبطأت فى السير فسيتخطاك الجميع فى سباق الحياة المحموم وستُصبح الخاسر بجدارة ، فالحياة لا تعرف سوى قانون الحركة والتطور الدائم والعمل ومن يتوقف يضيع فى الطريق ، وقد يأتى من يدهسه ويصعد على أكتافه إلى الأمام دون شفقة أو رحمة .
خطوة بعد أخرى تقترب، وتجربة بعد أخرى تنضج ، ومحاولة بعد أخرى تصل بك للإتقان والجودة ، ونجاح يأتى بعد الجهد والكفاح يصل بك للسعادة ، وتتمكن وقتها من السباحة فى نهر الحياة حتى لو قيدوك أو قاموا بتعصيب عيونك أو اضطررت للسباحة ضد تيار النهر ، فحتماً ستصل إلى مُبتغاك فى النهاية بالإصرار والعمل الصادق . يبقى الحب هو الضوء الذى يُنير الطريق ويشفى الروح ويُعطيها القوة والتوازن من أجل الاستمرار والتقدم ، ويشحن الجسد بالطاقة اللازمة للعمل والإنجاز دون الشعور بالتعب والإرهاق ، ومن يدرى؟ فقد تتخطى الدراجة كل الحواجز والطُرق وتتحدى قوانين الجاذبية الأرضية وتُحلق بعيداً ناحية القمر والنجوم .
