تختلف شخصيات الناس كما تختلف صفاتهم الجسدية وأصواتهم وملامح الوجه , لكل إنسان شخصية مُتفردة تُميزه عن غيره مثل بصمة الإصبع المختلفة بين البشر . الشخصية الإنسانية شىء مميز ومتعدد الأنماط والصفات والسلوكيات الواضحة فى عمليات الشُعور والتفكير والتصرف . تنشأ الشخصية من عوامل عديدة منها الوراثة والخبرة والتجارب الشخصية , كما يؤثر المجتمع والبيئة المُحيطة فى تشكيل الشخصية وبنائها بما يوفره من ثقافة وتقاليد إجتماعية ودينية . تُشكل الشخصية أغلب الفروق الفردية بين الناس فى الإدراك والعواطف والفعل والمُعاملات . الحياة عبارة عن مجموعة من المواقف الصعبة ونضوج الشخصية يعتمد بشكل واضح على كيفية التعامُل مع المواقف الصعبة والخروج منها بنجاح أو بأقل خسائر مُمكنة .
السمات الشخصية
السمات الشخصية هى الموجه لسلوك الفرد وتوجهاته الفكرية , كلما زادت معرفة الإنسان لطبيعة شخصيته يزداد لديه الوعى والقدرة على تنمية السمات الجيدة لديه والعمل على تحسين والحد من السمات السلبية للوصول للنجاح والإنجاز . خلال السنوات الأخيرة تمكن العُلماء من تحديد السمات الشخصية الغالبة لدى البشر جميعاً والتى تتحكم فى أغلب قرارات الشخصية البشرية , تم تصنيف هذه الصفات فى خمس عناصر : ( الإجتهاد _ الانفتاحية _ الانبساطية _ القَبولية _ العُصابية ) .

الانفتاحية / الانغلاق
الانفتاح يعنى أن يكون الشخص مُنفتح ومُتقبل للأفكار الجديدة ويُحب تجربة ما هو جديد ويسعى للتعلُم وتعزيز المعرفة والإبداع , هو شخص مُغامر يكره الروتين وفُضولى ويُقدر الفن والعواطف ومتحرر من القيود الإجتماعية والثقافية السائدة , واسع الخيال وغير تقليدى .
على العكس نجد الشخص المُنغلق يُفضل الروتين والإلتزام بالعادات ويتجنب التجارب الجديدة ويسعى للطرق الأكثر أماناً وسلامة , هو شخص عقلانى لا يحب الخيال وغير مهتم بالفنون والإبداع .
الإجتهاد أو الضمير الحى / التوهان
الإجتهاد والضمير هو الإنضباط والدقة التى يؤدى بها الشخص مهام العمل المُكلف به والتخطيط بشكل جيد لتحقيق الأهداف , شخص يميل لتحمُل المسؤولية وإتخاذ الخطوات اللازمة للنجاح فى الحياة , يعمل بجد ويسعى إلى الكمال , يلتزم بالمواعيد ويُنظم الوقت وتكون أفعاله نابعة من منظومة مُعتقداته وأخلاقه .
فى الناحية الأخرى يوجد أشخاص يتصرفون بحرية مُطلقة ولامبالاة دون مراعاة لشىء أو شخص آخر , أكثر عفوية وتحرر يصل إلى الإهمال فى أوقات كثيرة مع عدم تنظيم أو تخطيط مُسبق وعدم إلتزام بميعاد أو وقت .
الانبساطية / الانطوائية
الانبساطية سمة تظهر فى السلوك , من يتصف بها يكون شخص إجتماعى ودود مع الآخرين , يُحب التفاعل مع الناس ويستمتع بحضور المناسبات الإجتماعية والحفلات , مُتحمس ويحب الكلام والنقاش , يُفضل بدء الحديث مع الغُرباء وصنع علاقات جديدة معهم .
فى المُقابل الشخص الانطوائى ليس لديه ميول إجتماعية , هو شخص هادىء مُتحفظ وخجول يُفضل ممارسة أنشطة بمفرده ويميل للهدوء والسكون وتواجده مع الآخرين يُسبب له القلق والتعب .
القَبولية / التنافر
من يمتلك القَبول يمتلك اللُطف والتعاطف مع الآخر ويُحب مساعدة الآخرين , طيب القلب وجدير بالثقة , يُظهر الاحترام والاهتمام للآخرين , يتعامل باللين ولا يتسم بالأنانية , مُضحى ومُهذب وحنون ومتواضع .
عدم إمتلاك القَبول يعنى أن الشخص يضع مصالحه الشخصية فوق التواصل مع الآخرين ولا يهتم بهم على الإطلاق , يشك فى دوافع الآخرين وغير ودود أو متعاون , شخص يُظهر التنافس والتحدى دائماً ويكون فى صورة المُجادل وغير أهل للثقة .
العُصابية / الاستقرار العاطفى
الأشخاص الذين يُعانون من العصبية الشديدة يميلون للمُبالغة فى ردود الفعل على كل شىء والانزعاج والغضب بسهولة , شخص مزاجى يشعر بالقلق والتوتر ويرى دائماً الجانب السلبى من كل شىء , شخص حساس يُصاب كثيراً بالتقلبات المزاجية والاضطراب والاكتئاب ويميل للبحث عن أشياء تُسبب النكد والحزن.
هناك أشخاص آخرين لديهم استقرار عاطفى وهدوء نفسى , يمتلكون مرونة نفسية كبيرة , أقل فى التعرض للقلق والتوتر والأحزان والشعور بعدم الأمان مع تقدير عالى للذات والرضا والثقة والهدوء .

شخصية الإنسان تتشكل وفقاً لعوامل عديدة على مدار السنوات , لذلك يكون التغيير فى الشخصية والسمات الواضحة فيها أمر صعب وشاق , يرى عالم النفس (سيجموند فرويد) أن الشخصية تكتمل مع سن الخامسة وتبقى بعد ذلك ثابتة ومُستقرة طوال الحياة , لكن تُشير الدراسات الحديثة لإمكانية حدوث تغيرات للشخصية فى جميع مراحل الحياة رغم صعوبة ذلك . يمكن أن نُلاحظ أن بعض السمات تتغير مع التقدم فى السن مثل الاجتهاد والانبساطية والقَبولية , فيصير الشخص أكثر حزماً واجتهاداً ويميل أكثر إلى الانبساط والانفتاح . التغيير فى الشخصية يأتى من إرادة وعزيمة الأشخاص على إحداث التغيير فى حياتهم ويستلزم العمل الجاد والإنضباط وملاحظة السلوك وتعديله لمدة طويلة تصل لسنوات أو شهور .
السمات الشخصية هى الفارق الجوهرى بين كل شخص وآخر , وهى العامل الرئيسى فى النجاح والفشل فى الوصول للأهداف , الإنسان ليس كائن مثالى لكنه يجب أن يسعى للتعلُم وتحسين نفسه والوصول إلى الأفضل دائماً من خلال الإرادة والعزيمة والتحلى بروح التغيير والمُغامرة والتجريب .