الإنسان هو صانع الحضارة على الأرض، تَميز عن سائر المخلوقات بالعقل الراجح فأصبح خليفة الله على أرضه، والعنصر الرئيسى فى تقدم وتخلف المجتمعات والدول ، لذلك تُمثل عملية صناعة الإنسان أهم عملية فى طريق نهضة الأُمم لعبور الأزمات وبلوغ التقدم والرقى فى جميع المجالات. هل يجب أن نبنى الإنسان؟! … بكل تأكيد نعم … يجب أن نصب كل الاهتمام ببناء الإنسان لأن لا قيمة لأى بناء مهما علا، ولا لأى مشروع أو مؤسسة ما لم نبنى الإنسان القادر على إدارة كل هذا بشكل فعال يحقق أعلى ناتج وربح يساعد على تقدم المجتمع . الفرد فى حاجة إلى عمليات ( غسيل للعقل ) من المعتقدات الخاطئة والخرافية والتقاليد السيئة ، والتفسيرات الدينية الخاطئة والمُتشددة مع بيان الفهم الصحيح وإعلاء قيم السماحة فى الأديان .
لا يكفى لصناعة الإنسان أن نجعل منه طبيب أو عامل أو مهندس بل يجب أن يتمتع غالبية الأفراد فى المجتمع بالثقافة اللازمة لتشكيل الوعى السياسى والاجتماعى لمواجهة جميع الأخطار والمُشكلات التى تواجه الشعوب والمُجتمعات مع القدرة على التغلب عليها بالعمل والاجتهاد . أولى خطوات نشر الوعى هى تعريف الأفراد ببلادهم على الواقع دون مبالغات أو شعارات رنانة ، وسيكتشف الناس أنفسهم عندما يكتشفون واقع بلادهم بما فيها من إيجابيات وسلبيات .
من يبنى الإنسان؟
يقع العبء الأكبر فى بناء الإنسان على الأسرة والمجتمع والحكومات ، فنجد أن الإنسان الفاشل فى أسرته و مجتمعه لا يتمكن من المساهمة فى صناعة ورقى المجتمع والدولة، كما نجد أن الدول المُتقدمة هى من استطاعت توظيف قدرات أفرادها الجسدية والفكرية فأثبت الإنسان فيها كفاءته ونجح فى بناء مجتمعات راقية تعتمد على العلم والثقافة والعمل . تتصدر المؤسسات التعليمية والثقافية القائمة فى عملية بناء الإنسان فهى المنوط بها عملية التعليم منذ الطفولة والشباب ،تعمل على نشر الوعى والفكر السليم فى برامج التعليم والأنشطة المختلفة ، كما تأتى المؤسسات الدينية فى مكانة عالية بما تُمثله من قيمة روحية سامية لدى الناس، تُمثل وسائل الإعلام والتواصل بين الناس فى المجتمع عامل مؤثر وقوى فى توجيه الفكر المجتمعى نحو نبذ سلوكيات وأفكار معينة مع الاحتفاء بكل ما هو جيد نافع للمجتمعات .
الحديث عن الثقافة والوعى هو حديث يشمل الأدب والسينما وكل الفنون لأن الفن هو مرآة الشعوب المتحضرة ، الفن الحقيقى هو من يهتم بقضايا الناس ويخاطب العقل ويحترم ذكاء المُتلقى فيخلق لديه القدرة على طرح التساؤلات عن الحياة والواقع والمستقبل ، الإنتاج الفنى الحقيقى هو الذى يرتقى بالإنسان ويُرسخ لديه مفهوم الإبداع والتَميُز، كما يعمل على رفع الهمم وزرع الثقة فى النفوس وتكوين الشخصية القوية القادرة على إيجاد حلول للأزمات وصناعة الحضارات .

علم صناعة الإنسان!
بعد الثورة الصناعية فى العصر الحديث تحولت عملية الصناعة لتصبح أهم عملية يقوم بها الإنسان بعد أن كان يعتمد على الزراعة بصورة أكبر ، تقوم عملية الصناعة على تحويل المواد البدائية لمُنتجات تُفيد البشر ، نحن فى حاجة لتطبيق العلم على عملية بناء الإنسان ليفيد المجتمع كذلك . المُلاحظ فى السنوات الأخيرة الإتجاهات العلمية لظهور علم خاص قائم على صناعة الإنسان من بداية تدرُج ظهور العلوم الإنسانية من علوم الاجتماع وعلم النفس حتى ظهور علوم جديدة مثل التنمية البشرية وعلم إدارة الموارد البشرية بما يؤسس بصورة واضحة لظهور علم جديد لصناعة الإنسان خلال خطوات واضحة ومُحددة :
أولا/ اكتشاف ميول ورغبات الإنسان : نكتشف ما يهتم به الإنسان والمجال المُتناسب مع قدراته ورغباته .
ثانيا/ تأهيل وتوجيه الإنسان : نؤهل الإنسان ليصبح شخص منتج ،نرفع كفاءته ونستثمر قدراته ونُنمى شخصيته على العمل الجماعى المُؤسسى والإبداعى .
ثالثا/ ترسيخ البناء الإنسانى : يُعبر الإنسان عن نفسه وقدراته خلال مشروع عملى واقعى، نوفر رأس المال اللازم للمشاريع الناشئة ونتابعها حتى النجاح والاعتماد على النفس .
كل المؤشرات تدل على أننا لو تمكنا من بناء الإنسان قوياً راسخاً بالعلم والقيم سيصبح المجتمع خالياً من كل العيوب التى تُعيق مسيرة التقدم والتطور ، سنجد كل أصحاب المهن يبدعون ويُخرجون أقصى طاقاتهم لخدمة المجتمع والناس ،ربما تختفى الكثير من أمراض المجتمع الشائعة فى اللامبالاة والأنانية والجشع والطمع والسلبية أو يقل وجودها وانتشارها بين الناس فيسير المجتمع نحو التقدم والازدهار ولو بخطوات بطيئة أفضل من الثبات على حاله أو التأخر للخلف والانحدار .
نُرشح لك للقراءة : الجهل والعداء