نشرت تحت تصنيف فكر، أدب

طه حسين قاهر الظلام

طه حسين هو الأديب الأكثر شهرة فى القرن العشرين فى العالم العربى والشرق الأوسط ، هو من أوائل الحاصلين على شهادة الدكتوراة فى الأدب العربى ، لُقّب (بعميد الأدب العربى) لشدة تأثيره فى نقل الأدب العربى القديم وتبسيطه للجماهير فى العصر الحديث ، كتب العديد من المؤلفات والروايات ، فهو كاتب ومفكر وشاعر وفيلسوف مصرى ، من أبرز أعلام الحركة الأدبية العربية فى القرن العشرين ، له العديد من الإسهامات الأدبية ، كما دخل فى العديد من المعارك الأدبية والتى تطور بعضها ليصل إلى أروقة المحاكم المصرية قبل أن يتم حفظ الدعاوى وإغلاق القضايا مع الإختلاف مع ما جاء فى كتابات طه حسين من أفكار نقدية صادمة لبعض الناس .

حياة طه حسين

ولد (طه حسين على بن سلامة ) يوم الجمعة 15 نوفمبر 1889م فى قرية الكيلو قريبة من مغاغة إحدى مُدن محافظة المنيا فى صعيد مصر ، فقد طه حسين بصره بسبب رمد أصابه فى عينيه وهو فى عمر الأربع سنوات ، أصرّ والده على إلحاقه بالكتّاب ليتعلم ، استطاع طه حسين أن يحفظ القرآن الكريم وكثير من الأدعية والأشعار والقصص عن طريق السمع ، أنتقل للدراسة فى الأزهر عام 1902م حيث اشترك فى دروس المبتدئين لمدة ثلاث سنوات ، كما حضر دروس ألقاها الشيخ الإمام (محمد عبده) ، اشترك بعدها فى دروس المتوسطين فى الفقه والنحو ، ثم مع الطلبة المتقدمين ، ألتحق بالجامعة الأهلية فى عام 1908م التى أُُنشأت حديثاً فكان من أوائل المنتسبين إليها ، حصل من الجامعة على شهادة الدكتوراة عام 1914م عن رسالته بعنوان (تجديد ذكرى أبى العلاء) ، أرسلته الجامعة فى بعثة دراسية إلى جامعة مونبلييه ، فى عام 1917م حصل طه حسين على شهادة الليسانس فى الآداب من جامعة السوربون ، كما تمكن من دراسة اللغة اللاتينية وأطلع على كثير من مصادر الأدب الفرنسى ، عام 1919م حصل على شهادة دبلوم الدراسات العليا فى التاريخ ، عاد بعدها من فرنسا إلى مصر ليبدأ رحلته العملية ، تم تعيينه أستاذاً للتاريخ اليونانى والرومانى القديم فى الجامعة الأهلية بين عامى(1919-1925م)، ثم بعدها أستاذاً لتاريخ الأدب العربى فى كلية الآداب بين عامى (1925-1928م) ، ثم عميداً لكلية الآداب عام 1930م وهو أول مصرى يشغل هذا المنصب إلا أنه قدم استقالته من عمادة الكلية بعد عامين ، ثم عاد إلى الجامعة مدرساً فى عام 1934م حتى عام 1936م ، ثم عاد عميداً لكلية الآداب فى الفترة بين عامى (1936-1939م) ، شغل كذلك بعض المناصب مثل مُراقب للثقافة فى وزارة المعارف بين عامى (1939-1942م) ، ثم مستشار لوزير المعارف بين عامى (1942-1944م) ، ساهم فى تأسيس جامعة الإسكندرية عام 1943م وأصبح أول مدير لها حتى عام 1944م ، فى عام 1950م شغل منصب وزير المعارف لمدة عامين ، وكان أهم إنجازاته فى هذه الفترة أنه أقرّ مجانية التعليم وأنشأ جامعة عين شمس ، ترك بعدها المناصب السياسية وتفرغ بعدها للكتابة .

طه حسين مع الكاتبة الأمريكية هيلين كيلر

كتب طه حسين

طه حسين له أنتاج غزير فى مجال الكتابة ، حيث أنتج أعمال كثيرة منها أعمال فكرية تدعو إلى النهضة والتنوير ، وهناك أعمال أدبية تنوعت بين الروايات والقصص القصيرة والشعر ، ومن أهم وأشهر أعماله : (على هامش السيرة) (الأيام) (حديث الأربعاء) (مستقبل الثقافة فى مصر) (الوعد الحق) ( فى الشعر الجاهلى) (المعذبون فى الأرض) (صوت أبى العلاء) (من بعيد) (دعاء الكروان) (فلسفة ابن خلدون الإجتماعية) (الديمُقراطية فى الإسلام) (طه حسين والمغرب العربى) (شجرة السعادة) (أديب) (من حديث الشعر والنثر) ( الشيخان) (أحلام شهرزاد) (قادة الفكر) (ما وراء النهر).

أفكار وأدب طه حسين

  • كانت طريقة طه حسين تعتمد فى إتباع طريقة العلم الحديث ومواكبة جميع العلوم الحديثة ومزجها فى الفكر والجوانب الحياتية المُختلفة مع تلخيص الآداب .
  • دعا طه حسين إلى المنهج الفلسفى الديكارتى أو ما يُعرف بمنهج الشك ، وهو المنهج القائم على رفض جميع المُسلمات السابقة فى الفكر العربى ، والقيام بالبحث من البداية بأسلوب ديكارت ، ويظهر فى ذلك تأثره بالمدرسة الفرنسية والفلسفة الديكارتية .
  • دعا طه حسين للبحث فى الأصول ، حيث تبنى رأى جديد يقوم على ما يُعرف بمنهج الاستقراء والمنطق، وخلط الآراء الفلسفية المنطقية بالتراث العربى القديم مما له أثر كبير فى التحليل والتفسير .
  • دعا كذلك طه حسين إلى احترام العربية الفصحى ورفض جميع الدعاوى التى تستبدل الفصحى بالعامية ، ورأى فى الألفاظ العامية خطرأً كبيراً على اللغة العربية ، كما نادى بالحفاظ على علم النحو والإعراب وتسكين الكلمات وتشكيلها، كما أقترح فكرة أحياء النحو وتبسيطه وشرحه ليكون قريباً للناس .
  • قام طه حسين بدور إجتماعى وسياسى كبير فى إنهاض المجتمع المصرى وتنوير العقل العربى ، وهو صاحب شعار(التعليم حق لكل مواطن كالماء والهواء) ، وقد تعرض لإنتقادات كثيرة وخاض معارك فكرية وصلت إلى حد تكفيره والنيل منه ومن أدبه بالسب والتقريع .

جوائز طه حسين

نال طه حسين العديد من الجوائز والأوسمة بلغت أكثر من 36 جائزة مصرية ودولية منها : (وسام قلادة النيل) عام 1965م (جائزة الدولة التقديرية فى الآداب) ، قلده ملك المغرب محمد الخامس (وسام الكفاءة الفكرية) ، (جائزة الأمم المتحدة) لإنجازاته فى مجال حقوق الإنسان عام 1973م ، منحته فرنسا(وسام الليجون دونيه) ، كما حصل على عدد كبير من الدكتوراة الفخرية من جامعات عالمية مثل (ليون) (مونبلييه) و (روما) و(أثينا) و (مدريد) و (أكسفورد).

كما تم اختيار الدكتور طه حسين عضواً فى عدد من الهيئات منها : (المجمع العلمى المصرى) و (المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الإجتماعية) عضواً مراسلاً (للمجمع العلمى العربى بدمشق) (المجمع العلمى العراقى) عضواً أجنبياً فى (المجمع العلمى الفرنسى) (المجمع العلمى الإيطالى) ، عضو عامل بمجمع اللغة العربية منذ عام 1940م ، ثم تم انتخابه نائباً لرئيس المجمع عام 1960م، ثم تم انتخابه رئيساً للمجمع عام 1963م وظل فى هذا المنصب حتى وفاته فى الثامن والعشرين من شهر أكتوبر عام 1973م .

طه حسين وفاتن حمامة فى عرض فيلم دعاء الكروان

من أقوال طه حسين

إياك والرضى عن نفسك فإنه يضطرك إلى الخمول، وإياك والعجب فإنه يورطك فى الحمق ، وإياك والغرور فإنه يظهر للناس كلهم نقائصك كلها ولا يخفيها إلا عليك . (أديب)

لو أن الإنسان خُلق كاملاً لما أحتاج إلى أن يطمع فى الكمال. (فى الأدب الجاهلى)

القوانين حين تشتد فى مُصادرة حرية الرأى لا تحمى الفضيلة وإنما تحمى الرذيلة وتخلى بينها وبين النفوس . (مستقبل الثقافة فى مصر)

الحنين إلى الوطن خالد لا يدرى أحد أحديث هو أم قديم . (بين بين)

الشاعر والفيلسوف وصاحب الفن طفل مهما يكبر .

التاريخ سخيف لا خير فيه إن كان يعيد نفسه، لأن ذلك يدل على أنه لم يستطع للناس وعظاً ولا إصلاحاً . (جنة الشوك)

أحسن المعرفة معرفتك لنفسك، وأحسن الأدب وقوفك عند حدك.

خير مكان فى الدنيا سرج سابح ، وخير جليس فى كل مكان كتاب .

سَطّر طه حسين ملحمة عبر حياته منذ الولادة حتى الوفاة ، أستطاع خلالها أن يتغلب على فقد البصر وكل المعوقات التى قابلته فى تعلم اللغات الأجنبية وإتقانها للدراسة فى الخارج ، وتغلب على حنينه الجارف لمصر طوال فترة دراسته فى الخارج ، وكان الفضل الأكبر فى نجاحه العلمى يرجع إلى زوجته السيدة الفرنسية (سوزان بريسو) أم أولاده (أمينة و مؤنس) ، حيث كان لها أثر كبير فى حياته وكانت السند والعون له أثناء مسيرته العلمية والأدبية حيث قال عنها (منذ سمعت صوتها لم يعرف قلبى الألم) ، طه حسين وأن كان قد فقد البصر طفلاً فقد أضاء دربه بنور البصيرة ،وأصبح أسطورة حية وقاهر للظلام بحق .

طه حسين مع زوجته وابنه

المراجع

  • كتب طه حسين
  • شبكة المعلومات الدولية

نُرشح لك للقراءة : نزار قبانى شاعر المرأة و الحب